الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فالمتأمل لسيرة
وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم يجدها مليئة بصور عظيمة من تكريم سيد الثقلين عليه
الصلاة والسلام للنساء خصوصا ، فهو والد لمجموعة من البنات وعنده حفيدات وزوجات ، وترجع
إليه النساء للسؤال والمشاورة ولطلب النصح والتوجيه ، فكان يعاملهن جميعا معاملة
تقطر رحمة وعطفا على النساء فهو الذي أثنى عليه رب العزة بقوله : ( وما أرسلناك
إلا رحمة للعالمين ) فمن رحمته بالنساء خصوصا روعة تعامله عليه الصلاة والسلام مع
أمهات المؤمنين فكان يكرمهن ويحترمهن ويعدل بينهن ويستمع لآرائهن ويعمل بها ، وكان
يعلمهن الكتاب والسنة برفق ولين وخلق عظيم ، وكان الاحترام وحسن الخلق أساس تعامله
مع جميع الصحابيات رضي الله عنهن أجمعين ، لذلك أثرت هذه الأخلاق النبوية على جميع
الناس في زمانه رجالا ونساء فكانوا يقبلون منه الخير والنصح والتوجيه ، وما نظرت
امرأة قط إلى أحكام الإسلام وأوامره ونواهيه بنظرة غير مقبولة ، بل كانت المرأة
تسارع إلى اتباع السنة كمسارعة الرجال في تسليم تام للشرع الحنيف والسنة المطهرة فهن
شقيقات الرجال في الاتباع والعمل وتعظيم السنة والدين، ، مع أن بعض النساء أدركن
الجاهلية وما كان عليه الناس فيها إلا أنهن نبذن كل مسائل الجاهلية ، وتحملن الأذى
العظيم في سبيل الله عزوجل ، واستمر النساء على ذلك العصور والدهور الطويلة يعظمن
شرع الله تعالى ويسارعن بالعمل الصالح والصدقات والخيرات ، فالمتقرر عندهن أن
الشرع كله رحمة وخير بالنساء فالمرأة لا تحتاج إلى التحرر من أوامره بل تحتاج إلى
التقيد بأوامره ، حتى أتى بعض من أراد الشر بنساء المسلمين ولم يعجبه حب النساء
للكتاب والسنة وشدة اتباعهن لأوامر الإسلام فنشر خطيئة تحرير المرأة من أوامر
الإسلام ، واتبعه على هذا بعض من لم يوقر شرع الله حق التوقير ، وظنوا أن المرأة
سيعجبها فعلهم وسوء ظنهم بالدين حيث ظنوه
مقيدا لحريتها فرد الله كيدهم عليهم ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ) ، فحتى من
خالفت شيئا من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم لا تنظر أبدا للسنة بأنها تقيد
حرية المرأة بل نسمع منها : " ودي أتحجب " و " ادعوا لي بالتوبة
" وغير ذلك من الكلام الذي ينم رغم التقصير في العمل على تعظيم للشرع ، فلم
تقتنع أخواتنا الكريمات بكلمات يرددها بعضهم بوصف أهل الدين بالدواعش والظلاميين
ومقيدي الحريات وخطباء القرون الوسطى !!
لقد وقع دعاة
تحرير المرأة من أوامر الشرع في خطأ عظيم عندما ظنوا أن هذه الاتهامات الجائرة
والنظرة القبيحة للشرع ستجعل المرأة المسلمة تقتنع بأفكارهم وترمي حجابها وتجري
وراء شهواتها متناسين أن المرأة كانت ولا تزال هي الركن الرئيس والأساس في المجتمع
الصالح ، فهل تناسى دعاة الفساد أن امرأة صالحة اسمها ( كريمة ) حفظت لنا نسخة
نفسية من صحيح البخاري ، أم تناسوا سيرة أمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات والصالحات
على مر الدهور والعصور في نشر العلم بين النساء وتذكير أخواتهن بالخير والفضيلة ،
ومن لطيف ما سطره الحافظ ابن حجر في كتابه الدرر الكامنة هذه الكلمات الجميلة عن
امرأة صالحة فاضلة وهي " فاطمة بنت عياش بن أبي الفتح البغدادية ، أم زينب
الواعظة ، كانت تدري الفقه جيدا ، وكان ابن تيمية يثني عليها ويتعجب من حرصها
وذكائها ، وانتفع بها نساء أهل دمشق لصدقها في وعظها وقناعتها ، ثم تحولت إلى
القاهرة فحصل بها النفع وارتفع قدرها وبعد صيتها ، وكانت قد تفقهت عند المقادسة
بالشيخ ابن أبي عمر وغيره ، وقل من أنجب من النساء مثلها ، ماتت ليلة عرفة سنة 714ه
" فحري بنساء عصرنا أن يتبعن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأن
يسرن على طريق أمهات المؤمنين وسائر الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن أجمعين ،
وأما دعاة الفساد فلن ينالوا من المرأة إلا رد دعوتهم وباطلهم فقد بحت أصواتهم وهم
يدعون للفتنة والفساد فما ظفروا بشيء إلا الخسران المبين ففطرة الخير في قلوب
النساء أقوى من أفكارهم ودعواتهم المفسدة ، فاللهم وفق أخواتنا لكل خير واطرح فيهن
البركة والخير ، ووفقهن لاتباع شرعك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ...
اللهم
آمين