08 أبريل 2018

الظلاميون الجدد!


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فمن تأمل في آيات القرآن العظيم يجد أن الله تعالى وصف شرعه ووحيه بأنه النور المبين ، فمن أعرض عنه تاه في ظلمات الشبهات والشهوات فمن ذلك قوله تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) فالشرع نور يتلألأ من أخذه كتب الله السعادة له وأبعده عن ظلمات الجهل ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) فهذا حال من كتب الله له النجاة ، ووصف رب العزة كتابه العظيم بأنه النور المبين فقال : ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ) فمن تمسك بالكتاب والسنة فهو المتقلب في أنوار الهداية ومراتبها ودرجاتها ومنازلها العالية الرفيعة ، ومن أعرض عنهما فهو التائه في ظلمات الشك والحيرة والشبهات والشهوات ( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ) ، وجعل الله في شرعه المطهر أنواع الهداية والخير والبركة ، فهو شرع كامل لا ميل ولا اعوجاج فيه ، بل كامل من جميع النواحي ، وهو حق وصدق في جميع أحكامه لأنه منزل من عند الحكيم العليم ودلنا عليه نبينا عليه الصلاة والسلام ، وهل يكون في الشرع الحنيف نقص وخلل وقد نزل من عند ربنا سبحانه وتعالى؟! فهذا ما لا يعقل أبدا ، فمن نظر للشرع العظيم بعين عوراء فالنقص والخلل منه بل لا يقول بهذه الأباطيل من له اطلاع على نصوص الشرع المطهر الذي فيه الرقي والعدل والرحمة والإحسان بالجميع ، ومع وضوح الأمر كوضوح الشمس في رابعة النهار فبين الفينة والأخرى يلقي بعض من لا نصيب له من العلم شبها واهية للغاية يردد فيها كلام غيره ممن لا يعظم نصوص الوحيين مدعيا أن الوحي الشريف وما قرره علماء الإسلام لا يصلح لزمننا لأنه مليء بالنقص والخلل بل فيه الشقاء والتعاسة للخلق ! وهو في هذه الباقعة قد أتى بكلام يستحي منه المجنون وتضحك منه الثكلى المفجوعة بولدها الوحيد ، وأضحك عقلاء العالم على نفسه لأنه وصف النور بالظلمة ، والسعة بالضيق والنهار بليل حالك السواد! فهذا حال من يعيش في ظلمات الشبهات والشهوات ويريد فرض ظلاميته على الناس ! وكأنه ظن أن بعض الناس لتقصيره في شيء من الطاعات يفرح ويسر إذا وجد من بعض أهل الإفك سخرية بالدين ، وتناسى أن هذه الأمة فيها خير عظيم إلى قيام الساعة فلا يقبل من ابتلي بالمعاصي والتقصير أن يسخر أهل الظلام والبهتان من النور المبين ، ومن أبرز صفات الظلاميين الجدد أنهم يتكلمون بالإبطال عن مسلمات شرعية بعد قرون طويلة من عمل جميع المسلمين بها ودلالة عشرات الأدلة عليها ، فلا تعجبهم بعض المسائل ويرونها تضييقا وتشديدا على الناس مع ورود الأدلة عليها ، فبدل أن يتهموا عقولهم القاصرة وجهوا سهام نقدهم لمن يستدل بالكتاب والسنة على فهم الأئمة " فسبحان الله! كم من حزازة في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص وبودهم أن لو لم ترد؟ وكم من حرارة في أكبادهم منها، وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها؟ ستبدو لهم تلك السرائر بالذي يسوء ويخزي يوم تبلى السرائر " ، وأخشى أن يأتي عليهم يوم يصدق فيهم هذا الوصف " ثم تجاوزوا الحد حتى ردوا القرآن بالتلويح والتصريح لرأيهم السوء " ، ومن عجز عن مقارعة الحجة بالحجة لجأ إلى نبز غيره بألقاب السوء فتارة يصفون من يذكر أدلة الوحيين بأنه " متحجر " أو " ظلامي " أو " مختلف رجعي " إلى غير ذلك من أوصاف يطلقونها لصرف الناس عن الحق فسلفهم القديم وصف خيرة العلماء بقوله : " أولئك أنجاس أرجاس أموات غير أحياء " ، ويحرصون على إطلاق هذه الألقاب على العلماء الكبار المشهورين والله عزوجل يكتب لأئمة الدين الرفعة والعلو وللطاعن فيهم الذل والهوان ، وليتهم ذكروا شيئا علميا بأدلة واضحة وبراهين مقبولة وإنما هي تهم جائرة  لكل ما يخالفهم مع ادعائهم التسامح وقبول الآخر وتقبل الرأي الآخر! ويظهر عليهم بشكل واضح عدم إلمامهم بشيء من الثقافة الإسلامية فضلا عن الدراسات الشرعية التخصصية ، وإذا جئت معهم لمجال الحوار وطرح الفكر وعرض الرأي لوجدتهم من أضعف الناس حجة ورأيا ، فمصير من يناقشهم الحجب والحظر ، دون تراجع عن الخطأ والزلل الواضح البين ، لأن منهم من يرى نفسه بنظرة فوقية ، فهو المفكر النحرير وداعية التنوير وغيره كما يزعم يعيش في ظلمات القرون الوسطى ! بل هذه نظرتهم أيضا للمجتمع المحافظ على هويته الإسلامية وعاداته الكريمة النبيلة ، ولولا خوف بعضهم من عدم تقبل المجتمع لهم إن جهروا بكل شيء لسمعنا شيئا عجيبا من التفلت ونبذ هوية الإسلامية للمجتمع ، ولكن الحق يعلو والزبد سيذهب جفاء بإذن الله تعالى ...
فاللهم ارزقنا الهداية وأنوارها وجنبنا ظلمات الشك والحيرة والشبهات والشهوات...
آمين