24 أكتوبر 2020

إنها تحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

 

الحمد لله على نعمه العظيمة ، وأفضاله الجليلة ، ومننه المتوافرة المتتابعة ، والصلاة والسلام على نبينا الكريم وآله وصحبه أجمعين...

أما بعد :

فقد كان الناس رجالا ونساء قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يعيشون في جاهلية عظيمة ، فجاء الله بالخير العظيم على يد سيد الثقلين عليه الصلاة والسلام ، فانتقل الناس بفضل الله من الظلمات إلى النور ، وتغيرت أحوالهم وتبدلت أمورهم ، وبعد أن كانوا يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار أقبلوا على توحيد الرب المعبود جل جلاله ، وبعد أن كان القوي يأكل الضعيف فتضيع الحقوق وتسفك الدماء وتنهب الأموال علموا أن الإسلام دين العدل والرحمة والبركة والخير ، وبعد أن كانت المرأة في الجاهلية تُظلم ظلما بيّنا حفظ الإسلام لها كرامتها فالنساء شقائق الرجال ، وأعد الله لهن مغفرة وأجرا عظيما إن تمسكن بما أمر الله واتبعن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والمرأة الموفقة تحرص غاية الحرص على طاعة ربها ومتابعة سنة نبيها صلى الله عليه وسلم ، فهي تعلم علم اليقين أن من أشرف وأجل الأعمال محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، ففي الحديث الصحيح : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" وهذا الحديث النبوي يشمل الرجال والنساء ، وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام : " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا " فهنيئا لمن عمل بهذا الحديث.

وفي القرآن الكريم والسنة النبوية توجيهات وتشريعات تتعلق بالرجال والنساء وبعضها خاصة بالرجال وبعضها خاصة بالنساء ، ومن الأحكام الشرعية التي تختص بها المرأة : لبس الحجاب الشرعي وعدم التبرج ، فالمسددة حقا وصدقا تلتزم بما أمره الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون . ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ).

فأحيانا قد تشق بعض الطاعات على النفس فإن لاح لها أن الأمر دين وفيه إرضاء لله هانت جميع هذه الصعوبات ، فالله تعالى يقول في كتابه العظيم : ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) ويقول أيضا : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن ) وقال : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) فالحريصة على دينها تعلم أن الحجاب فرض شرعي على النساء فهي تتقرب إلى الله بأداء عبادة أوجبها الله ، وهذه العبادة كسائر الفرائض يلزم بها الإنسان من جانب الشرع والدين ، فإن أراد السلامة من الآثام فعليه فعل هذه القرب والعبادات ، ومن تركها وقع في الإثم لتركه ما أوجب الله عليه ، وفي الآيات السابقة بيان حرمة تبرج النساء كتبرج نساء الجاهلية ، ونهي للمرأة عن لفت أنظار الرجال أثناء المشي وكذلك الأمر بستر البدن بالحجاب ، وإذا كان الشرع فيه هذا التوجيه الدقيق : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن ) فكيف بخروج المرأة عند غير محارمها كاشفة لشعرها ومواضع أخرى من بدنها؟!

وما أطيب أن تطبق المرأة هذه القاعدة القرآنية عند غير محارمها ( ولا يبدين زينتهن ) ، ومن جميل الآثار المروية أن المنذر بن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب رقاق عتاق بعدما كف بصرها، قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أف ردوا عليه كسوته، قال: فشق ذلك عليه وقال: يا أمه إنه لا يشف، قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف.

فأسماء رضي الله عنها ردت ثيابا لأنها تصف بدن المرأة دون أن تكون شفافة خفيفة فكيف بثياب تظهر مواضع كثيرة من بدن المرأة لقصرها؟!

وحري بمن تطلب الأجر والثواب أن تتقرب إلى الله بلبس الحجاب الشرعي فلا تظهر ذراعها وساقها وغير ذلك أمام غير محارمها.

ومن التوجيه الشرعي للنساء بأن لا يخرجن متعطرات متزينات فعند أبي داود بسند حسن عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها، فهي كذا وكذا. قال قولا شديدا.

وقال عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة.

فمنعها من حضور الصلاة وهي متعطرة فكيف بخروجها عند غير محارمها متعطرة ؟!

ومن النساء اللاتي ذمنهن نبينا عليه الصلاة والسلام : الكاسيات العاريات : فلباسها ضيق يجسد البدن أو قصير لا يستر البدن أو يلفت أنظار الرجال إليها لزينته.

ولنتأمل في حال نساء الرعيل الأول وهن الصالحات العابدات فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية.

ومهما تكلم بعضهم عن الحجاب وخفف من شأنه فصاحبة الدين لا تخالف أوامر القرآن والسنة التي أمرت بالحجاب ونهت عن التبرج ، ولو وقعت بعض الأخوات في شيء من التساهل في الحجاب فإنها تبادر بترك المخالفة مع التوبة الصادقة لأنها تحب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وتعلم بأن المرء يوم القيامة يكون مع من أحب بإذن الله...

وأرجو أن يكون في هذه الكلمات حث للأخوات الفاضلات على التمسك بالحجاب الشرعي ، وتذكير لبعض الأخوات بضرورة العودة إلى لزوم الحجاب...

 

اللهم اهدنا وسددنا ووفقنا

اللهم آمين