28 أبريل 2020

إنها الدنيا



قال المقري في كتابه نفح الطيب عن الخليفة الأموي القوي عبدالرحمن الناصر الأندلسي ، والمتوفى سنة 350هـ : " وحكي أنه وجد بخط الناصر رحمه الله أيام السرور التي صفت له دون تكدير : يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ، ويوم كذا من كذا ، وعدّت تلك الأيام فكانت أربعة عشر يوما " ثم قال المقري: " فاعجب أيها العاقل لهذه الدنيا وعدم صفائها وبخلها بكمال الأحوال لأوليائها ، هذا الخليفة الناصر حلف السعود، المضروب به المثل في الارتقاء في الدينا والصعود ، ملكها خمسين سنة وستة أو سبعة أشهر وثلاثة أيّام ، ولم تصف له إلا أربعة عشر يوماً ، فسبحان ذي العزّة القائمة ، والمملكة الدائمة ، لا إله إلا هو" .
فهذا هو حال الدنيا ، لا تصفو لأحد ، كما أخبرنا ربنا عزوجل : ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) ، ومن قدر الله على الإنسان في هذه الدنيا تسلط المنغصات والهموم والأحزان عليه ، فمهما كان الإنسان منعما في هذه الدنيا سيجد فيها شيئا من الهم والغم ، فليست جميع أيام الدنيا أيام صفاء وسرور ، وكم خلف ابتسامات بعض الأشخاص من آلام وأحزان لا يعلم بها إلا الله جل جلاله ، ولكنهم تسلحوا بسلاح الصبر فلم يُظهروا الجزع واليأس والقنوط ، وإنما أظهروا الصبر والاحتساب ، والرضى بالقضاء والقدر ، فتمكنوا من تجاوز هذه الأحزان والهموم ، وليست الأحزان كما يتصور البعض ضربا من الألم الناشئ بسبب التنعم الزائد ، فكم من مبتلى بعظيم الابتلاء لا تسمع له أي كلمة في التوجع والتألم بل لعلك تراه مبتسما ، يظهر حمد الله والثناء عليه في كل موقف ، فيظنه من يراه بأنه يعيش حياة باذخة في السعادة والهناء والصفاء! وهذا الصبر لا يتيسر لأي أحد وإنما يتيسر على من امتلأ قلبه بحب الله والسعادة به والأنس بمناجاته ، وكان حقا وصدقا من أهل الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره ، فهذه الابتلاءات تجعل الإنسان في بعد عن التعلق بالدنيا ، فلم يتقاطع الأرحام والأهل والأصحاب ؟ من أجل دينا فانية زائلة ؟!
ومن عرف حال الدنيا لم يجعلها في قلبه وإنما يجعلها في يده ، فتجده من أكثر الناس مسامحة وعفوا عن الآخرين ، وهذه هي حال نبينا صلى الله عليه وسلم ، فكم مر عليه من بلاء وبلاء ولكنه كان كاسمه : ( محمد وأحمد ) فهو أكثر الخلق حمدا لله تعالى في جميع الأحوال ، فكن كذلك تكن من أهل السعادة والتوفيق ، ومن نظر في حال أهل البلاء علم صدق المثل الجميل : ( من شاف بلوى الناس هانت بلاويه ) ، فبعضهم يعاني من مشاكل تافهة للغاية فتسود الدنيا في وجهه ، ولا تطيب له الحياة ، فلو فاتته ترقية في عمله مثلا فقد يصاب بيأس وينهك نفسه بالتفكير ، ولو تأمل في الأمر وقارن حاله بحال فقير يرى والده المريض يئن من شدة المرض وهو لا يملك لوالده الحبيب إلى قلبه العلاج بسبب فقره! فهنا يهون البلاء علينا ، ولو فتشنا في بعض أحزاننا لوجدنا أن سببها أمر يسير للغاية مقارنة بما يعانيه بعض الناس ومع هذا تجد منهم صبرا وثناء على الله ، فاللهم فرج هم المهمومين واكشف الكرب عنهم.


21 أبريل 2020

المنتقى من مصنفات ابن أبي الدنيا


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبنيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فأضع بين أيديكم أيها القراء الكرام جمعا لمجموعة من الآثار والأخبار في الزهد والرقائق والحِكم جمعتها من مصنفات الحافظ الكبير عبد اللَّه بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس، أبو بكر القرشي مولى بني أمية المعروف بابن أبي الدنيا ، والمتوفى سنة 281هـ
والجمع على شكل كتاب مصور PDF
سائلا الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء وأن يرفع درجته في الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجمعنا جميعا بنبينا صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من العلماء الراسخين في الفردوس الأعلى من الجنة على سرر متقابلين...
اللهم آمين

لتحميل الكتاب يرجى التكرم بالضغط على هذا الرابط
رابط الكتاب