الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا
فيه ، والصلاة والسلام على نبينا الكريم نبي الرحمة وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
:
فمن أعظم أسباب انشراح
الصدر الإقبال على الطاعة والعبادة ، ومن أجل الطاعات أداء الصلاة ، فالصلاة سبب
عظيم للراحة والسعادة والطمأنينة ، ففيها الدعاء والذكر والركوع والسجود والإقبال
على الله ، والموفق حقا وصدقا يقبل على أداء الصلاة ولا يفرط فيها ، ومن صور
الاهتمام بالصلاة الحرص على أداء السنن الرواتب ، وتأملوا رعاكم الله في هذا
الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه بإسناده عن شعبة
بن الحجاج عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بنى
الله له بيتا في الجنة، أو إلا بني له بيت في الجنة.
قالت أم حبيبة: فما برحت
أصليهن بعد.
وقال عمرو: ما برحت
أصليهن بعد.
وقال النعمان مثل ذلك.
فحالهم
أنهم لما سمعوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحض على أداء السنن الرواتب
أنهم بادروا وواظبوا عليها ولم يفرطوا فيها فهلا اقتدينا بهم ؟!
إن
المواظبة على أداء السنن الرواتب من أسباب الظفر بالأجور العظيمة ، فلو أن رجلا
عاش ثمانين سنة وهو من المواظبين على أدائها لمدة خمسين سنة فكم سيكون له بإذن
الله من بيوت ومنازل الجنة؟!
ومن
التقصير العظيم أن نترك هذه السنن بحجة عدم الإثم بالترك ، فليست المسألة وقوعا في
الإثم بل المسألة مسارعة لنيل الحسنات والمسابقة إلى ذلك ، قال ابن رجب في لطائف
المعارف : " إذا ندم المحسن عند الموت فكيف يكون حال المسيء ؟! غاية أمنية
الموتى في قبورهم حياة ساعة يستدركون فيها ما فاتهم من توبة وعمل صالح ... قال بعض
السلف: أصبحتم في أمنية ناس كثير يعني أن الموتى كلهم يتمنون حياة ساعة ليتوبوا
فيها ويجتهدوا في الطاعة ولا سبيل لهم إلى ذلك " .
فلا
تفرطوا في أداء السنن الرواتب ، وهي سهلة يسيرة من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
، روى الإمام مسلم عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين،
وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين... وكان
إذا طلع الفجر صلى ركعتين.
فحافظوا
على هذه السنن ولا تفرطوا فيها.
اللهم
أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك...