24 أكتوبر 2011

من أحكام الأضحية

من أحكام الأضحية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :
فمن العبادات العظيمة الجليلة التي يُتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى : الأضحية .
فهذه العبادة التي تكون في أيام عيد الأضحى دل على مشروعيتها كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وإجماع المسلمين أما الكتاب فقد قال الله عزوجل : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ )
وأما من السنة فقد صح أن النبي ضحى بكبشين ...
وأما الإجماع فقد أجمع أهل العلم على مشروعية الأضحية ...
والراجح والله أعلم أن الأضحية سنة مؤكدة لا ينبغي على القادر المستطيع أن يفرط فيها فقد صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما ما كان يضحيان خشية أن يظن الناس أن الأضحية واجبة.
وتكون الأضحية من بهيمة الأنعام أي الإبل والبقر والغنم بنوعيها المعز والضأن وعلى هذا فلا تصح الأضحية بالغزال أو الدجاج أو غير ذلك بل يجب أن تكون من بهيمة الأنعام...
ولابد أن تبلغ الإبل خمس سنوات فأكثر والبقر سنتين فأكثر والمعز سنة فأكثر والضأن ستة أشهر فأكثر.
وأفضل أنواع الأضحية الإبل لأن النفع أعظم واللحم أكثر وهذا هو المطلوب , وأما ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام من الأضحية بكبشين فهذا من باب التخفيف على الأمة والتيسير عليها.
وتجزئ الأضحية الواحدة عن الرجل وأهل بيته قلوا أو كثروا فعن أبي أيوب الأنصاري t قال :(( كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ )).
ويجوز أن يشترك في الإبل سبع بيوت وكذلك البقر فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:(( نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ َ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ )) .
وينبغي أن تكون الأضحية سالمة من العيوب التي تؤثر في اللحم فعن البراء بن عازب t قال:(( إنَّ رَسُولَ اللَّهِ سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَى مِنْ الضَّحَايَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ أَرْبَعًا وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي )). ومعنى العجفاء أي الهزيلة الضعيفة.
قال القاضي عبدالوهاب البغدادي :(( ونكتة هذا الباب أن كل عيب نقص اللحم أو أثر فيه أو كان مرضا أو نقص من الخلقة فإنه يمنع الأضحية وفي بعضها خلاف وينبغي في الجملة أن يتقى العيب ، وتتوخى السلامة )).
ويستحب له أن يذبح أضحيته بنفسه كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
 وفي هذه السُّنة رعاكم الله جانب تربوي مهم وهو أن يشعر الإنسان بأنه قد أدى هذه العبادة العظمية لله عز وجل ، وإن رآه أبناؤه وأهله فإنه سيتعلمون هذه العبادة ويعرفون أحكامها ...
ولا بد من ذبح الأضحية في الوقت المحدد فالأضحية من العبادات المحددة بوقت معين.
 ووقتها : من بعد صلاة عيد الأضحى إلى غروب شمس ثالث يوم من أيام التشريق أي إلى غروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة .
والدليل على أن وقت الأضحية يبدأ بعد صلاة عيد الأضحى ما قاله عليه الصلاة والسلام:(( مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ )).
وأما دليل نهاية الوقت فما جاء في الحديث الصحيح:(( كل أيام التشريق ذبح )).
وهذا من تيسير الله عزوجل علينا فقد لا يتيسر للمسلم أن يضحي في يوم العيد فيجوز له أن يضحي في الأيام الأخرى التي ورد الترخيص فيها , قال الله تعالى : ( هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ).
 فالحمد لله الذي هدانا إلى هذا الدين العظيم وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وعند ذبح الأضحية من السنة أن يقال : بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك فقد ثبت أن النبي قال ذلك.
ويستحب للمضحي أن يأكل من لحم أضحيته لقول النبي عليه الصلاة والسلام :(( إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته )) .
وهو مخير في لحم الأضحية إما أن يتصدق به أو يأكله أو يطعم الأقارب والأرحام ، والأفضل أن يجعل لكل هؤلاء نصيبا في هذه الأضحية فيأكل منها ويطعم الأقارب والأرحام ويتصدق بجزء من لحمها على الفقراء والمساكين.
ومن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئا إذا دخل العشر من ذي الحجة فقد جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال :(( إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ )) , وفي رواية : (( فلا يمس من شعره وبشره شيئا )) .ومعنى بشره أي جلده.
وهذا النهي خاص بالمضحي وأما من يُضحى عنه فلا يشمله النهي فيجوز له أن يأخذ من شعره ومن أظفاره .
فمثلا لو أراد الرجل أن يضحي عن نفسه وعن أهل بيته فهو الذي لا يأخذ من شعره ومن أظفاره شيئا وأما أهل بيته فيجوز لهم أخذ الشعر والأظفار.
والنهي مقتصر على أخذ الشعر والأظفار وأما التطيب والاغتسال فلا حرج في ذلك.
فهذه بعض الأحكام المتعلقة بالأضحية أسأل الله العظيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه يتقبل منا وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والله الموفق

أخوكم
عبدالله الكمالي
أبوسيف
غفر الله ولوالديه
27/ذو القعدة /1432
24/10/2011

هناك تعليقان (2):

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.